البشير يلخص واقع حياة المواطن الأردني لـ"أخبار الأردن"... أعباء وتنازلات ونمط معيشي خانق

خاص

قال الخبير الاقتصادي محمد البشير إن نمط الحياة المرهق في الأردن يعد نتيجة حتمية لتشابك مجموعة عوامل اقتصادية واجتماعية أدت إلى ارتفاع تكلفة المعيشة بشكل متزايد وغير متناسب مع الدخل العام للمواطنين.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن ارتفاع تكاليف السكن، يأتي في مقدمة هذه العوامل، حيث أصبحت الإيجارات تشكل عبئًا كبيرًا على الأسر، خاصة في ظل محدودية الخيارات المتاحة وشح الوحدات السكنية المتوسطة والميسورة، ليضاف إلى ذلك العبء المتعلق بالفوائد البنكية المرتفعة الناتجة عن القروض السكنية، الاستهلاكية، والتعليمية، التي تلتهم جزءًا كبيرًا من مداخيل المواطنين.

من ناحية أخرى، تعد الضرائب المفروضة على السلع والخدمات أحد المحركات الأساسية لارتفاع الأسعار في الأردن، فالضرائب المتزايدة على كافة السلع، لا سيما الأساسية منها، تزيد من تكلفة الحياة اليومية، بينما يظل دخل الأفراد دون تغير يذكر أو بزيادة طفيفة لا تتناسب مع هذا الغلاء المتسارع، جنبًا إلى جنب مع تأثير ارتفاع أسعار الطاقة والكهرباء، التي بدورها تؤدي إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج والخدمات بشكل عام، ما ينعكس على الأسعار النهائية التي يتحملها المستهلك، وفقًا للبشير.

وأوضح أن التضخم المتزايد الذي يشهده الاقتصاد الأردني بات يمثل معضلة حقيقية، حيث أن معدلات التضخم المرتفعة تُحتسب بناءً على ارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات الضرورية، وهي سلع لا غنى عنها في حياة المواطنين، مضيفًا أن هذا التضخم يضغط بشكل كبير على مداخيل الأسر، ويضعف قدرتها على تلبية احتياجاتها الأساسية، وبهذا، تصبح الخيارات محدودة جدًا أمام المواطن الأردني الذي يضطر إلى إعادة ترتيب أولوياته بشكل دائم، متنازلًا في الكثير من الأحيان عن رفاهيات الحياة التي كانت متاحة له سابقًا.

وأكد البشير أنه لا يمكن إغفال دور التعليم والصحة في زيادة هذه الضغوط المالية، حيث أن تكاليف التعليم في الأردن، سواء في المدارس أو الجامعات، أصبحت مرهقة للأسر، فالتعليم الجيد بات مرتبطًا بالكلفة العالية، مما جعل الكثير من الأسر تُضطر إلى اللجوء إلى خيارات قد لا تفي بتطلعاتها، أما من ناحية الصحة، فارتفاع تكاليف الرعاية الصحية والعلاج، إلى جانب نقص الخدمات الصحية المجانية أو المدعومة، زاد من حدة الأعباء المالية التي تواجهها الأسر.

وإلى جانب هذه التحديات، أشار إلى مشكلة البطالة، التي تعد من أكبر الأزمات التي تؤثر على الحياة الاقتصادية والاجتماعية في الأردن، ومع تزايد أعداد الخريجين وضعف فرص العمل المتاحة، يجد الشباب الأردني نفسه في مواجهة مستقبل ضبابي وغير مضمون، هذا الوضع يفاقم مشاعر الإحباط، ويجعل من الفقر مشكلة متجذرة ومتزايدة، حيث تزداد الفجوة بين الطبقات الاجتماعية، ويضع المزيد من المواطنين تحت خط الفقر.

وفي ظل هذه التحديات الاقتصادية، نجد أن النشاطات الترفيهية والثقافية باتت في كثير من الأحيان ترفًا لا يمكن تحمله، حيث تصبح الأولويات منصبة على تأمين الاحتياجات الأساسية من مأكل، ومشرب، ومسكن، دون التفكير في الأنشطة التي قد تمنح الفرد فرصة للترويح عن النفس أو توسيع مداركه الثقافية. وبالتالي، يشعر الأفراد بغياب التوازن في حياتهم اليومية، حيث تتحول الحياة إلى سباق دائم لمواجهة الأعباء المالية المتزايدة.

وإذا ما أضفنا إلى هذا المشهد المعقد الضغوط الإقليمية والسياسية، لا سيما ما يتعلق بالعدوان الإسرائيلي على غزة، والضفة، وبيروت، نجد أن هذه الصراعات تضيف طبقة جديدة من الضغوط على الأردن، الذي يقع في قلب منطقة مضطربة سياسيًا، كما صرّح البشير.

وبهذا، تصبح الحياة في الأردن معقدة ومتداخلة، حيث تتشابك الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لتشكل واقعًا مريرًا يصعب الخروج منه بسهولة.