المسؤولية الدولية عن انتهاك السيادة الأردنية
د. يزن دخل الله حدادين
في ظل التصعيد القائم والمستمر بين إسرائيل وإيران فقد صرح نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين، أيمن الصفدي، في عديد من لقاءاته المحلية والدولية أن سياسة الأردن ثابتة فيما يتعلقبالأجواء الأردنية وحمايتها من أي خطر مهما كان مصدرهوأنه سيتم التصدي للأخطار لمنع احداث ضرراً في الأردن وتهديداً للأردنيين. تأتي هذه التصريحات موافقة للقواعد الدولية والقانون الدولي العام حيث هنالك مجموعة من القواعد الدولية والمعاهدات التي تحدد ما يمكن وما لا يمكن فعله أثناء النزاع المسلح بين الدول.
من حيث المبدأ ينبع حق الأردن في الدفاع عن أرضها وحدودها ومجالها الجوي من خلال ما ورد في ميثاق الأمم المتحدة من التدابير المتخذة في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان كما ورد في المواد (39) ال (51). كذلك الحال في اتفاقية باريس (13 تشرين الأول 1919) فيما يختص بقانون الجو، فقد انحازتالاتفاقية بوضوح لمبدأ السيادة. فالمادة الأولى تنص بجلاء على: «إن الأطراف العليا المتعاقدة تعترف أن لكل دولة السيادة التامة والمطلقة على المجال الجوي فوق أراضيها».فالمبدأ ينص على أن المجال الجوي يخضع لسيادة الدولة، طالما أنه يغطي أراضي الدولة ومياهها الإقليمية.وبموجب نص المادة (32) من تلك الاتفاقية فأنه لا يجوز لطائرة عسكرية تابعة لإحدى الدولالمتعاقدة أن تحلق فوق إقليم دولة متعاقدة أخرى بدون إذن خاص يسمح لها بمثل هذاالتحليق.
تلت اتفاقية باريس معاهدة شيكاغو (7 كانون الأول 1944)والتي عززت مبدأ السيادة على الأجواء الوطنية بسبب تكاثر عمليات خرق الأجواء الوطنية من قِبل الطائرات الأجنبية حول العالم. وأكدت المعاهدة على مبدأ سيادة الدولة على اقليمها الجوي سواء كانت الدولة متعاقدة أم غير متعاقدة حيث نصت المادة الأولى منها على أن «تعترف الدول المتعاقدة أن لكل دولة علىالفضاء الجوي الذي يعلو إقليمها سيادة كاملة مقصورة عليها».
ووفقاً لذلك قامت بعض الدول بمحاولات لممارسة سلطاتها الإدارية أو القضائية على الطائرات التي تعبر مجالها الجوي، وقد عمدت أحياناً إلى قصف الطائرة وتدميرها أو إجبارها على تغيير مسارها أو الهبوط في إقليمها كوسيلة ممارسة لسيادتها على الأجواء الوطنية التي تعلو إقليمها.كما تعد اتفاقية باريس ومعاهدةشيكاغو من أهم المصادر الدولية التي تناولت سيادة الدولة على إقليمها الجوي والتي نظمت مرور الطائرات الأجنبيةالمدنية والعسكرية فوق إقليمالدول الأخرى، تلك السيادة التي تعد من أبرز مظاهرها هو عدم التدخل في شؤون الدول الأخرىأو الاعتداء عليها والذي أصبح من الأمور الثابتة والمستقرة في القانون الدولي.
وهكذا أيضاً كان موقف الأردن الرسمي من النزاع القائم بين إسرائيل وإيران حيث جاء على لسان نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين في العديد من المناسبات واللقاءات «سنواجه منتهكي سماء المملكة... ولن نكون ساحة معركة»، مضيفاً: «علينا دائماً أن نكون بمرحلة تيقظ على الحدود ولن نسمح لأي شخص بتحويل الأردن لساحة معركة وعلينا حماية بلدنا وبحال وجود أي تصعيد أولويتنا حماية الأردن والأردنيين»، مشدداً «أن أي شخص يريد انتهاك سماء الأردن فيجري مواجهة ذلك».مما لا شك فيه أن تصريحات وزير الخارجية الأردني مبنية على القواعد الدولية والقانون الدولي العام تماماً كما جاء في اتفاقية باريس(13 تشرين الأول 1919) ومعاهدة شيكاغو(7 كانون الأول 1944) ومعاهدة لاهاي (16 كانون الأول 1970)، ومعاهدة مونتريال (23 أيلول 1971)، ومعاهدة طوكيو (14 أيلول 1963)، حيث تُعد سيادة الدولة على الإقليم الجوي سيادة ثابتة ومستقرة شأنها شأن سيادة الدولةعلى الإقليم البري والبحري وهي سيادة الدولة نفسها بطابع الجزء من الكل.
ووفقاً لتلك الاتفاقيات والمعاهدات الدولية يترتب على سيادة الأردن على إقليمها الجوي نتائج قانونية مهمة، من أبرزها حق الأردن في تحـديدمناطق محرمة على الطيران الأجنبي (سواء الطيران المدني أو العسكري)، وكذلك حق الأردن في إباحـة أو تحريم ومنع استخدام المجال الجـوي الإقليمي الذي يتبعها وذلك بمحض ارادتها وحدها بسببتحفظات ترى ضرورة وضعها وذلك محافظةً منها على سلامتها وأمنها ورعايةً لشعبها ومواطنيها،فالأردن دولة تحافظ على سيادتها وسلامة وأمن مواطنيها من خلال مجموعة من القواعد الدولية.