البستنجي لـ"أخبار الأردن": حرب لبنان ستحسم في طهران

 

قال الكاتب والباحث في الصحافة العبرية إنه لا ينظر لهذه الحرب على أنها اشتباكات، ومناورات، ومصائد، وكمائن تُحسم بالقوة العسكرية، بل إنها صراع معقد متشابك يخاض على عدة مستويات؛ العسكرية منها والسياسية.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن أهداف إسرائيل المعلنة لتأمين حدودها الشمالية وإعادة سكانها إلى مناطق الشمال ما هو إلا جزء من الصورة البشعة لطموحاتها التي تهدف من خلالها إلى ضرب "مبدأ وحدة الساحات" الذي يربط الجبهات ضدها في المنطقة، وإضعاف نفوذ إيران في بلاد الشام، فضلاً عن محاولتها الاستفراد بحركة حماس كجزء من استراتيجية أوسع للهيمنة.

وبيّن البستنجي أن هذه الأهداف، رغم تداخلها، تتسق مع الرؤية الإسرائيلية لتعزيز سيطرتها الإقليمية، إلا أن التوسع الإسرائيلي على حساب الأراضي اللبنانية، أو السيطرة على حقول الغاز قبالة السواحل اللبنانية، يُعدان أهدافًا غير واقعية، يصعب تحقيقها مهما تعالت الأصوات المتطرفة المطالبة بذلك.

ولتحقيق هذه الأهداف، تنتهج إسرائيل سياسة الأرض المحروقة، قصفٌ بري، بحري، وجوي لا يستثني شيئًا، إلى جانب عمليات اغتيال مركزة ضد قيادات حزب الله، وقد عززت إسرائيل وجودها العسكري بإضافة فرقة ثالثة إلى قواتها في الجنوب، لتصبح ثلاث فرق رئيسية (36، 98، 91)، تتولى مهمة تنفيذ سياسة التدمير الشامل، لكن هذه القوة، رغم كثافتها، قد لا تكون كافية لتحقيق أهدافها الميدانية، ومن المتوقع أن يتم استقدام تعزيزات إضافية فيما بعد لتعميق عملياتها، بهدف تفكيك قوة الحزب في الجنوب، وفرض واقع جديد يتمثل في إقامة منطقة عازلة خالية من السكان، وفقًا للبستنجي.

وذكر أنه مع كل هذا الدمار الذي لحق بلبنان، ومع النزوح الجماعي الذي تجاوز المليون شخص، لم تحقق إسرائيل نصرًا حاسمًا بعد، ورغم أن استهداف القيادات، بما فيهم حسن نصر الله، وتدمير البنية التحتية لحزب الله في الضاحية الجنوبية، قد يحقق بعض التقدم، إلا أنه يبقى محدودًا.

ونوّه البستنجي إلى أن مساعي إيجاد رأس جسر بري في الجنوب، وتطهير المنطقة قبل دخول الدبابات، وصولًا إلى نهر الليطاني وربما إلى ما بعده، لا تزال في طور التمهيد، إلا أن ذلك، يقابله مقاومة يقظة وعنيفة، فحزب الله مستعد للاستمرار في هذه الحرب لسنوات طويلة، وذلك بالنظر إلى طبوغرافية جنوب لبنان المعقدة، والروح القتالية العالية لمقاتليه ممن يرون في المعركة طريقًا للشهادة، والدعم غير المحدود من سوريا وإيران، يجعل من الصعب على إسرائيل تحقيق نصر سريع أو شامل. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لحزب الله أن يستعين بتعزيزات من الميليشيات في اليمن والعراق، مما يعزز قدرته على الاستمرار في هذه الحرب المفتوحة.

ورغم ما يظهر من قوة وصمود، يبقى المفتاح الأساسي لهذه الحرب في يد إيران، فإذا قررت طهران أن تضغط على حزب الله لوقف القتال، سيكون ذلك نتيجة تفاهمات أو صفقات دولية، قد تُعرض عليها من قبل الولايات المتحدة أو إسرائيل. وهنا، تتجلى الحقيقة الأعمق: إسرائيل تدرك أن المعركة مع حزب الله لن تُحسم على أرض لبنان، بل في طهران، وكل التطورات الميدانية الحالية ليست سوى فصول أولى من معركة أكبر، قد يتسع نطاقها لتشمل المنطقة بأسرها، أو قد تُحسم على طاولة المفاوضات مع إيران، وما يخبئه المستقبل، سيكون حاسمًا في تحديد ملامح هذه الحرب الطويلة، وفقًا لما صرّح به البستنجي.

واختتم البستنجي حديثه متسائلًا: إلى أي مدى ستستمر إسرائيل في حربها ضد حزب الله دون الوصول إلى حل نهائي؟... وهل ستضطر في نهاية المطاف إلى خوض مواجهة مباشرة مع إيران، أم ستكتفي بتفاهمات تجمد الصراع دون حله؟.