بشارة: 7 أكتوبر هو مناسبة للتفكير والتأمل لا لإحياء ذكرى

 

قال المفكر والكاتب الدكتور عزمي بشارة، إن السابع من أكتوبر يشكل بلا شك علامة فارقة، حيث إن ما بعده ليس كما قبله، مشيرًا إلى أن ذلك قد لا يعني بالضرورة أن الأمر كان نتيجة تخطيط مسبق من الذين فكروا ونفذوا هذه العملية، إلا أن تداعيات هذا اليوم جعلته يومًا مفصليًا.

وأوضح بشارة في حديث لقناة "التلفزيون العربي" رصدته صحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، أنه من الناحية الإسرائيلية، يتجلى ذلك في حجم الهجوم داخل المناطق المحتلة، وعدد الضحايا من جانبنا، ونوع رد الفعل الإسرائيلي. فقد شهدنا حربًا شاملة شنت على غزة، أسفرت عن جرائم غير مسبوقة تحولت إلى سوابق، بل وبدأت تتحول إلى ما يشبه الروتين، وهو أمر مرعب. فقد اعتقدنا أن بعض الأفعال، مثل قصف مستشفى أو مدرسة، ستكون أمورًا استثنائية تثير العالم بأسره، لكنها أصبحت تُعتبر الآن جزءًا من الروتين اليومي.

وأكد بشارة أن الحرب على غزة تعد حدثًا مفصليًا بمقاييس عالمية، فقد سجلت إسرائيل، ومن تساوق معها على المستوى الدولي، معايير جديدة للسلوك في الحروب، مستشهدًا بحادثة سابقة طالت قائد القسام صلاح شحادة بقنبلة دمرت بناية بأكملها، والتي تم تقديمها في المحاكم الدولية كحادثة غير طبيعية. أما الآن، فأصبح من الطبيعي استهداف بناية أو حي كامل في إطار العمليات العسكرية، وهذا يُعتبر سابقة خطيرة.

وبيّن بشارة أن هذه الحرب هي الأولى التي تشهد عدم وجود مراسلين في غزة، باستثناء الإعلام العربي، فقد مر عام دون أن يتمكن أي مراسل من التواجد في غزة ليبث الأخبار، بينما استمر الآخرون في تغطية أحداث غزة من القرى المحيطة، وحوّلوا كل ضحية من ضحايا 7 أكتوبر الإسرائيليين إلى قصة شخصية ملحمية، في حين أن غزة كانت تعاني ما تعانيه.

وذكر أن السوابق التي سجلتها حرب غزة تتعلق بنوع الحرب، ودور الإعلام، والنفاق العالمي، مشيرًا إلى أن هذه الأحداث ستترك بصمات على الإنسانية جمعاء. وبالنسبة للفلسطينيين والعرب، فهم أمام ما يشبه النكبة الجديدة، حيث تغيرت أوضاع الشعب الفلسطيني. لذلك، فإن مرور عام على 7 أكتوبر هو مناسبة للتأمل والتفكير، وليس لإحياء ذكرى.

في هذا السياق، يمكن القول إن الوضع الفلسطيني لم يعد كما كان، والإقليم أيضًا شهد تغيرات كبيرة، تشبه إلى حد ما الوضع الذي كان قبيل دخول صدام حسين إلى الكويت، حيث كانت تداعياته عميقة ومدى تأثيرها على التفكير الإسرائيلي، وفقًا لما قاله بشارة.

وأوضح أن التفكير الإسرائيلي قد انتقل إلى مرحلة جديدة، سواء بتواطؤ من الولايات المتحدة أو بدون ذلك، حيث يحاول الإسرائيليون إعادة ترتيب المنطقة وفق مقاييسهم. مضيفًا أن نتنياهو وفريقه من المتطرفين الصهيونيين بدأوا بأهداف محددة، مثل تجريد حماس من سلاحها، ثم منعها من إدارة غزة، وصولًا إلى تقليص نفوذ السلطة الفلسطينية. وقد حظيت هذه الأهداف بتصميم عميق على تحقيق مخططات قائمة منذ زمن.

علاوة على ذلك، في يوليو الماضي، شعر الإسرائيليون أنهم تمكنوا من تحقيق بعض الأهداف، حتى وإن لم يحققوا جميع أهدافهم في غزة، وهذا أدى إلى توسيع نطاق عملياتهم في الضفة الغربية، حيث اقتحموا المخيمات والبلدات التي تُعد مراكز للمقاومة.

وحذر بشارة من الحديث عن القضية الفلسطينية وكأنها بدأت في 7 أكتوبر، فهذا غير دقيق، فمنذ عام 2000، كان هناك عدد كبير من الأطفال الذين قُتلوا في الضفة وغزة، وعددهم في عام 2023 يفوق أي عام آخر. وهذا يشير إلى تصاعد القمع والتنكيل الذي يتعرض له الفلسطينيون، خاصة في ظل الحكومة الحالية التي يقودها المستوطنون.

ونوّه إلى أن الوضع في الضفة الغربية قد وصل إلى حالة انفجار مع عملية "سيف القدس"، التي جاءت كرد فعل على الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى. فاليوم، يتعرض الفلسطينيون في الضفة الغربية إلى تهميش مستمر.